فصل
ثم يقال لهم : تأملوا معنى الآية وحصلوا فائدة لفظها وعلى أي وجه تخصص متضمنها من المدح وكيف مخرج القول فيها تجدوا أئمتكم أصفارا مما ادعيتموه لهم منها وتعلموا أنهم باستحقاق الذم وسلب الفضل بدلالتها أولى منهم بالتعظيم والتبجيل من مفهومها وذلك أن الله تعالى ميز مثل قوم من أصحاب نبيه صلىاللهعليهوآله في كتبه الأولى وثبوت صفاتهم بالخير والتقى (١) في صحف إبراهيم وموسى وعيسى عليهالسلام ثم كشف عنهم بما ميزهم به من الصفات التي تفردوا بها من جملة المسلمين وبانوا بحقيقتها عن سائر المقربين.
فقال سبحانه (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ) (٢).
وكان تقدير الكلام أن الذين بينت أمثالهم في التوراة والإنجيل من جملة أصحابك ومن معك يا محمد هم أشداء على الكفار والرحماء بينهم الذين تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا.
__________________
(١) في أ : بالجبر والنفي.
(٢) سورة الفتح ٤٨ : ٢٩.
(٣) في ب : يثبت ، وفي ح : ثبت.