بنت خزيمة وزينب بنت جحش وسنية النضيرية وميمونة بنت الحارث رضي الله عنهن. وماتت زينب بنت خزيمة في حياته وبقيت التسع الأخرى إلى أن توفاه الله تعالى. ولم يتزوج أحدا بعد هذه الآيات (١). وقد يكون في هذا دليلا آخر مؤيدا.
ولقد احتوت الآية [٥٢] تشريعا استثنائيا سلبيا بالنسبة للنبي صلىاللهعليهوسلم مقابل التشريع الاستثنائي الإيجابي الذي احتوته الآية [٥١] على ما يتبادر لنا. فبعد أن أبيح له في الآية [٥١] الاحتفاظ بزوجاته جميعهن حرّم عليه في الآية [٥٢] التزوج بالمرة باستثناء ملك اليمين. ونصّ الآية صريح بأن الحظر مؤبد أي أنه يظل قائما لو ماتت بعض نسائه أو جميعهن أو طلقهن. هذا في حين أن المسلمين يستطيعون أن يغيروا مع الاحتفاظ بالعدد المحدد ويتزوجوا تمام العدد المحدد.
ولقد أورد الطبري والبغوي وابن كثير بعض أحاديث في صدد هذه الآية. منها حديث عن عائشة وآخر عن أم سلمة قالتا فيهما : «ما مات النبيّ حتى أحلّ الله النساء». ومنها حديث عن أبيّ بن كعب يفيد أن الآية لم تحرّم الزواج على النبي بالمرة وإنما حرمت عليه ضربا من النساء من غير النوع الذي أحلّه الله له في الآية [٥٠] والأحاديث ليست من الصحاح.
ونصّ الآية فيما نرى ، وبخاصة جملة (مِنْ بَعْدِهِ) صريح بالنهي إطلاقا. ولذلك فنحن نتوقف فيها. ولقد قال ابن كثير فيما قال أيضا : إن غير واحد من العلماء كابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة وابن زيد وابن جرير وغيرهم قالوا إن هذه الآية نزلت مجازاة لأزواج النبيّ صلىاللهعليهوسلم ورضا عنهن على حسن صنيعهن في اختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة لما خيرهن رسول الله حينما نزلت آية التخيير [٢٨] فقصره عليهن وحرّم عليه أن يتزوج بغيرهن أو يستبدل بهن أزواجا غيرهن مما فيه توثيق لما قلناه. هذا مع التنبيه على أن هذه الأقوال إنما يحتمل صدورها
__________________
(١) كان تحته بالإضافة إلى زوجاته المذكورة أمتان ملك يمينه هما ريحانة القرظية ومارية القبطية. وقد تسرى بالثانية بعد نزول الآيات. انظر تفسير الآيات في الطبري والبغوي وابن كثير والطبرسي والخازن وانظر ابن هشام ج ٤ ص ٣٢١ ـ ٣٢٦.