ولقد أوّل بعضهم جملة (لِذِي الْقُرْبى) بذي العمل الذي فيه قربى إلى الله وفيه خدمة لمصالح الإسلام والمسلمين. وما دام أنه لم يثبت بنصّ صريح وصحيح أن النبي وخلفاءه أعطوا سهم ذي القربى لفئة ما من الأقارب وأثر عنهم أنهم كانوا يجعلونه في معونة الإسلام وأهله والكراع والسلاح مع سهم رسول الله بعده فنحن نرى هذا التأويل وجيها ومتسقا مع ذلك بحيث يصح القول إن حكمة الله شاءت التنبيه على وجوب مكافأة ذي الجهد والخدمة النافعة للإسلام والمسلمين ويصح القول بالتالي أن هذا السهم هو لمصلحة الإسلام والمسلمين العامة. وقد يكون مقابلا أو شبيها بسهم المؤلفة قلوبهم المذكورين في مصارف الزكاة في آية سورة التوبة [٦٠] والتوجيه القرآني في تخصيص مكافأة لهذه الفئة مع احتمال كونها غنيّة تعليل مستمر المدى إذا صحّ ما صح التأويل الذي قد يؤيده ورود (ذي القربى) في صيغة المفرد. فلو كان المقصود أقارب رسول الله الذين كانوا في حياته وذرياتهم من بعده لا قتضى والله أعلم أن يأتي بصيغة الجمع حتى يكون شاملا. ولقد استعمل القرآن اشتقاق (قرب) في معان قريبة لهذا التأويل كما جاء في آية سورة التوبة هذه (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ) [٩٩] وآية سبأ هذه (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى) [٣٧] وآية الزمر هذه (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [٣] ما يمكن أن يستأنس به على وجاهة هذا التأويل. وقد يؤيده أيضا أن معظم أقارب رسول الله حين نزول آية الأنفال ثم آية الحشر السادسة اللتين فيهما تشريع الغنائم والفيء واللتين ذكر فيهما جملة (لِذِي الْقُرْبى) كانوا غير مسلمين في مكة ، ومنهم من شهد وقعة إلى جانب الكفار. وممن ذكرت الروايات أسماءهم من أسراهم (العباس بن عبد المطلب عمّ النبي وعقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحرث بن عبد المطلب وأبو عزيز بن عمير بن هاشم والسائب بن عبيد بن هاشم ونعمان بن عمرو بن عبد المطلب ، وولدان من أولاد أخي العباس لم يذكر اسماهما. وقد روي أن أبا لهب عمّ