التمثيل بهم ، ولم يلبث أن أخذ يأتي ذووهم من مكة ليفتدوهم وكان أعلى فداء أربعة آلاف درهم وأقلّه ألف درهم. وكان بين الأسرى أبو العاص بن الربيع زوج بنت رسول الله زينب فأرسلت قلادتها لفدائه. فلما رآها النبي رقّ لها رقة شديدة وقال لأصحابه إذا رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها ما لها فافعلوا. ففعلوا وأخذ النبي مقابل ذلك من أبي العاص وعدا بإرسال زينب إلى المدينة ففعل. وكان بين الأسرى عمّه العباس فقال رجال من الأنصار : ائذن لنا لنترك لابن أختنا عباس فداءه فقال لا والله لا تذرون منه درهما. وأخذ منه مائة أوقية ذهبا فدية. وقد قال له العباس قد كنت مسلما فقال له الله أعلم بإسلامك فإن يكن كما تقول فالله يجزيك. وأما ظاهرك فقد كان علينا فافتد نفسك وابني أخيك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب وحليفك عتبة بن عمرو أخي بني الحارث بن فهر فقال ما ذاك عندي يا رسول الله قال فأين الذي دفنته أنت وأم الفضل ، قلت لها إن أصبت في سفري فهذا المال لبنيّ الفضل وعبد الله وقثم. قال والله يا رسول الله إني لأعلم أنك رسول الله. وإن هذا شيء ما علمه أحد غيري وغير أم الفضل. وقد كان معه حين خرج من مكة عشرون أوقية من الذهب فأخذت منه بعد أسره فقال يا رسول الله احتسبها من فدائي فقال لا ، هذا شيء خرجت تستعين به علينا فأعطاناه الله. وكان بين الأسرى ابن لأبي سفيان اسمه عمرو وقد قتل له ابن آخر اسمه حنظلة. فقالوا له افتد ابنك فقال أيجمع على دمي ومالي. قتلوا حنظلة وأفدي عمرا دعوه في أيديهم ما بدا لهم. وفي هذه الأثناء خرج من المدينة سعد بن النعمان من بني عوف إلى مكة معتمرا وكان مسلما فعدا عليه أبو سفيان فحبسه بابنه عمرو فمشى أقاربه إلى رسول الله وسألوه أن يعطيهم ابن أبي سفيان ليفكوا به صاحبهم ففعل واستخلصوا صاحبهم به ، وقد منّ النبي على بعض الأسرى ممن لا مال له ولم يرسل ذووه فداءه ومنهم أبو عزة عمرو بن عبد الله الجمحي الذي روي أنه مدح النبي بقصيدة وعاهده على أن لا يظاهر عليه أحدا (١).
__________________
(١) انظر ابن هشام ج ٢ ص ٢٦٩ ـ ٢٩٩ و ٣٦٤ وتاريخ الطبري ج ٢ ص ١٣١ ـ ١٦٥ وتفسير الآيات في تفسير الطبري والبغوي والخازن وابن كثير.