مثال الأوّل : ما إذا قطع بالبراءة عن وجوب غسل الجمعة والدعاء عند رؤية الهلال قبل الشرع أو العثور عليه.
فانّ مجرد الشك في حصول الاشتغال كاف في حكم العقل بالبراءة ، ولا حاجة إلى إبقاء البراءة السابقة والحكم بعدم ارتفاعها ظاهرا.
______________________________________________________
(مثال الأوّل) وهو استصحاب البراءة : (ما إذا قطع بالبراءة عن) حرمة شرب التتن قبل الشرع ، فان قبل الشرع لم يكن شرب التتن حراما ، وعن (وجوب غسل الجمعة والدعاء عند رؤية الهلال قبل الشرع) فانه لم يكن الغسل والدعاء قبل الشرع واجبا ، إذا لم يكن قبل الشرع حكم وجوبي أو تحريمي إطلاقا.
(أو العثور عليه) وهذا عطف على قبل الشرع يعني : انه إذا جاء الشرع وفحص المجتهد بالقدر اللازم عن حرمة شرب التتن ، وعن وجوب غسل الجمعة ، وعن وجوب الدعاء عند رؤية الهلال ، ولم يظفر بدليل ، فانه يجري البراءة في الأحكام الثلاثة ، وذلك لأن العقل كما كان يحكم بالبراءة قبل الشرع ، فكذلك يحكم بالبراءة بعد الشرع ما لم يظفر بدليله أيضا لبقاء موضوع حكمه الذي هو عدم البيان ، فلا شك في حكم العقل حتى نجري حكم العقل بسبب الاستصحاب.
وإنّما ظهر فساد ذلك لأنه كما قال : (فانّ مجرد الشك في حصول الاشتغال) بسبب مجيء الشرع (كاف في حكم العقل بالبراءة ، ولا حاجة إلى إبقاء البراءة السابقة) قبل الشرع (و) لا إلى (الحكم بعدم ارتفاعها) أي : ارتفاع البراءة (ظاهرا) بالاستصحاب ، إذا الاستصحاب يفيد الحكم الظاهري ولا حاجة لنا إلى مثل هذا الاستصحاب.