وإن أراد به الاسكات والالزام ، ففيه : أنّ الاستصحاب ليس دليلا إسكاتيّا ، لأنّه فرع الشك ، وهو أمر وجداني كالقطع ، لا يلتزم به أحد.
وإن أراد بيان : أنّ مدّعي ارتفاع الشريعة السابقة ونسخها محتاج إلى الاستدلال ، فهو غلط ، لأنّ مدّعي البقاء في مثل المسألة أيضا يحتاج إلى الاستدلال عليه.
______________________________________________________
هذا ان أراد بالاستصحاب الاقتناع لنفسه (وإن أراد به الاسكات والالزام) للمسلم المخاصم له (ففيه : أنّ الاستصحاب ليس دليلا إسكاتيّا ، لأنّه فرع الشك ، و) الشك (هو أمر وجداني كالقطع ، لا يلتزم به أحد) أي : ان الشك كالقطع أمر قلبي لا يمكن تحميله على الطرف ، والمسلم هنا لا شك له ، لا بالنسبة إلى نسخ نبوة موسى ، ولا بالنسبة إلى ثبوت نبوة نبي الاسلام ، فلا مجال للاستصحاب.
(وإن أراد بيان : أنّ مدّعي ارتفاع الشريعة السابقة ونسخها محتاج إلى الاستدلال) على دعواه يعني : ان الكتابي إنّما جاء بالاستصحاب حتى يكون منكرا ، ويلجئ المسلم المدّعي إلى إقامة الدليل على معتقده ، فليس هو لاقناع نفسه ، ولا هو لالزام غيره ، فان كان مراده هذا (فهو غلط) أيضا.
وإنّما هو ليس بصحيح أيضا (لأنّ مدّعي البقاء) أي : بقاء نبوة موسى وهو الكتابي لا يكفيه الاستصحاب (في مثل المسألة) التي هي من أهم الاعتقاديات ، فهو (أيضا يحتاج إلى الاستدلال عليه) فانّ كل واحد من مدّعي النسخ ، أو مدّعي البقاء لنبوة نبي من الأنبياء يحتاج إلى الاستدلال الموجب للعلم والقطع ، وإلّا فكل واحد ممن يدين بنبوة نبي : موسى كان ، أو قبل موسى ، أو بعد موسى ، يتمكن أن يتمسك بالاستصحاب على من بعده ، لاثبات صحة دينه وبطلان دين اللاحق ، وهو واضح البطلان.