ثم المراد بالدليل الاجتهادي كلّ أمارة اعتبرها الشارع من حيث أنّها تحكي عن الواقع وتكشف عنه بالقوّة ويسمّى في نفس الاحكام : أدلّة اجتهادية وفي الموضوعات أمارات معتبرة.
فما كان ممّا نصّبه الشارع غير ناظر الى الواقع أو كان ناظرا ، لكن فرض أنّ الشارع اعتبره لا من هذه الحيثيّة ، بل من حيث مجرّد احتمال مطابقته للواقع ، فليس اجتهاديّا ، وهو من الأصول ، وإن كان مقدّما على بعض الاصول الأخر.
______________________________________________________
(ثم المراد بالدليل الاجتهادي) الذي ذكرناه في طيّ كلماتنا هو : (كلّ أمارة اعتبرها الشارع من حيث أنّها تحكي عن الواقع وتكشف عنه بالقوّة) اي : بان يكون لها شأنية الكشف عن الواقع وان لم تفده في بعض الموارد لبعض المحاذير الخارجية ، فالمراد بالدليل الاجتهادي إذن هو كل ما كان له هذا المعنى (ويسمّى في نفس الاحكام : أدلّة اجتهادية) كالخبر الواحد ، والاجماع ، والشهرة ، والسيرة ، وما اشبه ذلك (وفي الموضوعات أمارات معتبرة) كالبينة ويد المسلم ، وسوق المسلم ، وأرض المسلم ، وما اشبه ذلك.
وعليه : (فما كان ممّا نصّبه الشارع غير ناظر الى الواقع) مثل أصالة البراءة وأصالة الاحتياط واصالة التخيير ممّا لا كشف لها اصلا ، فهي اصول عملية غير تنزيلية وليست أدلة اجتهادية.
(أو كان ناظرا) الى الواقع (لكن فرض أنّ الشارع اعتبره لا من هذه الحيثيّة ، بل من حيث مجرّد احتمال مطابقته للواقع) كالاستصحاب (فليس) دليلا (اجتهاديّا ، و) إنّما (هو من الأصول) العمليّة التنزيلية وهو مقدّم على غير التنزيلية كما قال : (وإن كان مقدّما على بعض الاصول الأخر) فإنّ الاستصحاب