والظاهر : أنّ الاستصحاب والقرعة من هذا القبيل.
ومصاديق الأدلّة والأمارات في الاحكام والموضوعات واضحة غالبا ، وقد يختفي ، فيتردّد الشيء ، بين كونه دليلا ، وبين كونه أصلا ، لاختفاء كون اعتباره من حيث كونه ناظرا الى الواقع أو من حيث هو ، كما في كون اليد المنصوبة دليلا على الملك ،
______________________________________________________
مقدّم على البراءة والاحتياط والتخيير ، لان الاستصحاب فيه نوع كشف عن الواقع ، بخلاف هذه الاصول الثلاثة الأخر ، ولذلك قال : (والظاهر : أنّ الاستصحاب والقرعة من هذا القبيل) الأخير المقدّم على البراءة والاحتياط والتخيير.
وعليه : فان الاستصحاب والقرعة كاشفان وناظران الى الواقع ، لكن اعتبارهما لم يكن من حيث الكشف والنظر بل من حيث احتمال مطابقة الواقع ، ولهذا قالوا : بانّ الاستصحاب والقرعة مؤخران عن الادلة الاجتهادية ومقدّمان على الاصول العملية.
هذا (ومصاديق الأدلّة) الاجتهادية (والأمارات في الاحكام والموضوعات واضحة غالبا ، و) لكن (قد يختفي) ذلك في بعض المصاديق (فيتردّد الشيء ، بين كونه دليلا ، وبين كونه أصلا) واذا تردّد بينهما ما لم يعلم هل انه مقدّم ايضا على سائر الاصول ام لا؟.
وإنّما يتردّد في ذلك (لاختفاء كون اعتباره من حيث كونه ناظرا الى الواقع) وكاشفا عنه ، حتى يكون دليلا اجتهاديا (أو من حيث هو) لا بما هو ناظر الى الواقع وكاشف عنه ، حتى يكون أصلا عمليا ، وذلك (كما في كون اليد المنصوبة دليلا على الملك) فيما لو خفي علينا حيثية اعتبارها ، فان اليد على شيء ـ عند الشك في ان صاحب اليد مالك له أم لا ـ يكون دليلا على ان صاحب اليد مالك لهذا الشيء الذي في يده.