ومنها : قوله تعالى ، حكاية عن مؤذّن يوسف عليهالسلام : (وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) فدلّ على جواز الجهالة في مال الجعالة ، وعلى جواز ضمان ما لم يجب.
وفيه : أنّ حمل البعير لعلّه كان معلوم المقدار عندهم ،
______________________________________________________
الكتاب ، وبعد أهل الكتاب ، فيكون ذلك ديننا أيضا.
(ومنها : قوله تعالى حكاية عن مؤذّن يوسف عليهالسلام) كما هو مشهور حيث أعلن فيهم فقدان ما يكال به الأطعمة أعني : صواع الملك ثم قال (وَلِمَنْ جاءَ بِهِ) أي : بصواع الملك (حِمْلُ بَعِيرٍ) أي : ما يحمله البعير طعاما (وَأَنَا بِهِ) أي : بوفاء ذلك (زَعِيمٌ) (١) أي : ضامن ، وهذا يدل على أمرين :
أولا : (فدلّ على جواز الجهالة في مال الجعالة) بتقريب : ان حمل البعير مجهول قدرا وان كان معلوما جنسا حسب القرائن التي كانت في تلك الأزمنة ، لكن جهالة المقدار تتعدى إلى جهالة الجنس أيضا ، فيكون مال الجعالة مجهولا نتيجة ، فيدل على جوازه عندهم ، ونثبت جوازه عندنا بالاستصحاب.
(و) ثانيا : دل (على جواز ضمان ما لم يجب) بتقريب : ان مال الجعالة لم يجب على الجاعل ولم يستقر في ذمته قبل العمل ، فاذا ضمنه المؤذّن فقد ضمن ما لم يجب ، فكان من ضمان ما لم يجب ، فيدل على جوازه عندهم ونثبته علينا بالاستصحاب.
(وفيه) أولا : (أنّ حمل البعير لعلّه كان معلوم المقدار عندهم) بحسب القرائن المتعارفة في ذلك الزمان ومعه لا يكون دليلا على جواز الجهالة في الجعالة.
__________________
(١) ـ سورة يوسف : الآية ٧٢.