بناء على تفسيرها بالثابتة التي لا تنسخ.
______________________________________________________
مع وجود هذه التتمة للآية المباركة لا نحتاج إلى الاستصحاب حتى نسحب ما في تلك الشريعة إلى شريعتنا.
وإنّما يكفي في ثبوت الحكم في هذه الشريعة تتمة الآية المباركة (بناء على تفسيرها) أي : تفسير القيّمة (بالثابتة التي لا تنسخ) فإذا كان الثابت في الشريعة السابقة هو التعبدية في كل واجب والاخلاص في النية ، فهو ثابت علينا أيضا ، بقوله تعالى : (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) بلا حاجة إلى الاستصحاب ، لأن قوله سبحانه : (وَذلِكَ) إشارة إلى صدر الآية : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ).
والمتحصّل من إشكالات المصنّف على القائلين بالاستصحاب ، لأجل إثبات ما إفادة الآية : من وجوب الاخلاص في نية العبادة وأصالة التعبدية في كل واجب هو : ان الآية المباركة لا تدل على ذلك ، وعلى فرض دلالتها فانها تدل على وجوب الاخلاص في العبادة فقط دون أصالة التعبدية في الواجبات ، وعلى تسليم دلالتها على وجوب الاخلاص عليهم في العبادات ، لا حاجة في إثباته علينا بالاستصحاب لأن معنى دين القيمة : الدين الذي لا ينسخ ، فعدم النسخ يدل على وجوب الاخلاص علينا بدون حاجة إلى الاستصحاب.
أقول : والظاهر من الآية المباركة هو : وجوب الاخلاص عليهم في عباداتهم لأنهم امروا بالعبادة عن اخلاص ، فتدل الآية على وجوب الاخلاص في العبادة فقط ، ولا تدل على أصالة التعبّدية في كل واجب ، غاية ما هناك ان الاشكال الأخير من المصنّف وارد عليه ، إذ ظاهر قوله تعالى : (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (١) انه الدين الذي لا محيد عنه ، ويفهم منه بقائه في كل الشرائع قديما وحديثا ، قبل أهل
__________________
(١) ـ سورة البينة : الآية ٥.