كما لا يخفى.
وإن كان مأخذه الأخبار ، فالمتراءى منها من حيث سكوت بعضها عن جميع المرجّحات وإن كان جواز الأخذ بالتخيير ابتداء ، إلّا أنّه يكفي في تقييدها
______________________________________________________
المرجّح ، ولا يحصل شيء منهما إلّا بالفحص واليأس ، لا بأصالة العدم ، وما دام لم يحصل أحدهما ، لا يحكم العقل بالتخيير (كما لا يخفى) ذلك بأقل تأمّل.
ثمّ إنّ هنا اشكالا ثالثا وهو : أنّ أصالة العدم هنا يكون مثبتا ، وذلك لأنّا بأصالة العدم يزيد إثبات التكافؤ ، حتى يكون موضوعا للتخيير ، وهو أثر عقلي لا شرعي ، فيكون مثبتا ، والأصل المثبت غير حجه على ما سبق.
هذا إن كان مأخذ التخيير ومدركه هو العقل (وإن كان مأخذه) أي : مأخذ التخيير ومدركه هو (الأخبار) العلاجية (فالمتراءى منها من حيث سكوت بعضها عن جميع المرجّحات) حيث أن بعض تلك الأخبار ساكتة عن المرجّحات ، وإنّما أمرت بالتخيير ابتداء ، مثل رواية الحسن بن الجهم عن الإمام الرضا عليهالسلام قال : «فقلت : يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين متنافيين ، فلا نعلم أيهما الحق؟ فقال عليهالسلام : إذا لم تعلم فموسّع عليك بأيهما أخذت» (١) ومثل قول الإمام الحجّة صلوات الله عليه في حديث جاء فيه : «... وبأيهما أخذت من باب التسليم كان صوابا» (٢).
وعليه : فانّ المترائي من أخبار العلاج (وان كان جواز الأخذ بالتخيير ابتداء) من دون ملاحظة المرجّحات (إلّا انّه يكفي في تقييدها) أي : تقييد تلك الأخبار
__________________
(١) ـ وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٢١ ب ٩ ح ٣٣٣٧٣ ، الاحتجاج : ص ٣٥٧.
(٢) ـ الاحتجاج : ص ٤٨٣ ، الغيبة للطوسي : ص ٣٧٨ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٢١ ب ٩ ح ٣٣٣٧٢.