واسماعيل (ع). وعلى كثرة ما حرف العرب في دين ابراهيم ، وعلى شدة ما انحرفوا عنه ، في جاهليتهم قبل الاسلام ، فانهم بقوا يعظمون الاشهر الحرم هذه ، لارتباطها بموسم الحج ، الذي كانت تقوم عليه حياة الحجازيين ، وبخاصة سكان مكة ، كيما يكون هناك السّلام الكامل في الجزيرة الذي يسمح بالموسم الانتقال اليه والتجارة فيه بدون أدنى مانع.
ثم كانت ـ بعد ذلك ـ تعرض بعض ألاغراض لارباب الرياسة والوجاهة ، فتلعب الاهواء فيلجأوا الى تبديل شهر بشهر من الاشهر الحرم ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرمه.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (٣٨) إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩)
إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٠) انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤١) لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٤٢) عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ (٤٣))
البيان : ان النفرة للجهاد في سبيل الله انطلاق من قيد الارض ، وارتفاع على ثقلة اللحم والدم وتحقيق للمعنى العلوي في الانسان ، وتغليب لعنصر الشوق المجنح في كيانه على عنصر القيد والضرورة ، وتطلع الى الخلود الممتد وخلاص من الفناء المحدود.
(أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ) : وما يحجم ذو عقيدة في الله