ـ ١٦ ـ سورة النحل ـ وعدد آياتها مائة وعشرون آية (١٢٠)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١) يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ (٢) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٤) وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٥) وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (٦) وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٧))
البيان : لقد كان مشركوا مكة يستعجلون الرسول ص وآله ان يأتيهم بعذاب الدنيا ، أو عذاب الاخرة ، وكلما امتد بهم الاجل ولم ينزل بهم العذاب زادوا استعجالا. وزادوا استهزاء ، وزادوا استهتارا ، وحسبوا أن محمدا يخوفهم بما لا وجود له ولا حقيقة ، ليؤمنوا له ويستسلموا. ولم يدركوا حكمة الله في امهالهم ورحمته في انظارهم. ولم يحاولوا تدبر آياته في الكون. وآياته في القرآن ، هذه الايات التي تخاطب العقول والقلوب ، خيرا من خطابها بالعذاب. والتي تليق بالانسان. الذي أكرمه الله بالعقل والشعور وحرية الارادة والتفكير ، وجاء مطلع السورة حاسما جازما.
(أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) : فأن سنة الله تمضي وفق مشيئته. لا يقدمها استعجال ولا يؤخرها رجاء. وهذه الصيغة الحاسمة ذات وقع في النفس مهما تماسك او كابر الانسان.
ويفرد الانذار فيجعله فحوى الوحي والرسالة ، لان معظم سياق السورة يدور حول المكذبين والمشركين. والجاحدين لنعمة الله. والمحرّمين لما أحله الله. والناقضين لعهد الله والمرتدين عن الايمان. (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
الحق قوام خلقهما. والحق قوام تدبيرهما ، والحق عنصر أصيل في تصريفهما. فما من ذلك كله عبث ولا جزاف ، وخلق من فيهما وما