فيهما. فليس أحد وليس شيء شريكا له. تعالى عما يشركون.
(خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) : ويا لها من نقلة ضخمة بين المبدأ والمصير بين النطفة الساذجة ، والانسان المخاصم المجادل الذي يخاصم خالقه ، فيكفر به ويجادل في وجوده او في وحدانيته. وليس بين مبدئه من نطفة وصيرورته الى الجدل والخصومة فارق ولا مهلة.
وفي المجال الواسع مجال الكون : السماوات والارض ـ الذي يقف فيه الانسان. يأخذ السياق في استعراض خلق الله الذي سخره للانسان ويبدأ بالانعام : (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ)
وهذه اللفتة لها قيمتها في بيان القرآن ونظرة الاسلام للحياة ، وليست النظرة في النعمة هي مجرد تلبية الضرورات من طعام وشراب وركوب. بل تلبية الاشياء الزائدة على الضرورة (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) يعقب بها على خلق الانعام ليظل المجال مفتوحا في التصور البشري فلا يغلق تصورهم خارج حدود البيئة. وخارج حدود الزمان الذي يظلهم رويدا رويدا.
فوراء الموجود في كل مكان وزمان صور أخرى. يريد الله للناس ان يتوقعوها. فيتسع تصورهم وادراكهم. ويريد لهم أن يأنسوا بها حين توجد أو حين تكشف فلا يعادوها أو ينفروا منها. وانما نص القرآن على هذا الانصاف لوجودها في ذلك الزمان واختصاص العرب بها.
ان الاسلام عقيدة مفتوحة مرنة قابلة لجميع التطورات ومقدرات الحياة كلها ومن ثم يهيء القرآن الاذهان والقلوب لاستقبال كل ما تمخضت عنه قدرة المخلوقات.