ومع استنكار الأصل فقد اذن عزوجل باتمام عهدهم السابق ولم ينقصهم شيئا (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ..) ثم يعود فيستنكر مبدأ التعاهد باسبابه التاريخية والواقعية. ويجمع بين هذه وتلك فيقول :
(كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً (..) وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ)
وهذا هو السبب الاصيل لهذا الحقد الدفين عليكم. واضمار عدم الوفاء بعهودكم (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) : لا يقعد هؤلاء الاعداء عن الفتك بالمسلمين بلا شفقة ولا رحمة. هذا تاريخهم الطويل من الواقع العملي .. بينما منهج الله غايته اخراج الناس من الظلمات الى النور.
وهذا موقف المشركين من كل رسول ومن كل رسالة. ومن كل دين الله على الاطلاق. فان ابعاد المعركة تترامى. ويتجلّى الموقف على حقيقته لما تصوره تلك النصوص القرآنية الخالدة. على مدار التاريخ البشري كله بلا استثناء. ثم ماذا صنع المشركون مع محمد ص وؤله.
وماذا صنع المشركون بالمسلمين ايام الغزو الثاني للشرك على ايد التنار. ثم ما صنع المشركون والملحدون اليوم بعد اربعة عشر قرنا بالمسلمين في كل مكان. انهم لا يرقبون فيهم الا ولا ذمة كما يقرر النصّ القرآن الصادق الخالد.
ـ عند ما ظهر الوثنيون التتار على المسلمين في بغداد وقعت المأساة الدامية التي سجلتها الروايات التاريخية. والتي نكتفي بمقتطفات سريعة من تاريخ ابي الفداء (ابن كثير).
عام ٦٥ ، ه قال : ومالوا على البلد فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والوالدان والمشايخ والكهول والشبان فيقتلونهم بالاسطحة حتى تجري الميازيب. وقتلوهم في المساجد والروابط. ولم ينج منهم احد سوى اليهود والنصارى الذين كانوا ممن كاتب التتار على المسلمين