ـ ٢٩ ـ سورة العنكبوت آياتها (٦٩) آية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ (٣) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٤) مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٥))
البيان : ألف. لام. ميم. الحروف المقطعة التي اخترنا في تفسيرها انها للتنبيه الى انها مادة هذا الكتاب الذي أنزله الله على رسوله ص وآله. وهو مؤلف من مثل هذه الحروف المألوفة للقوم ولكل انسان. فليؤلفوا منها مثل هذا الكتاب ان ارتابوا في انه منزل من عند الخالق العظيم والرب القدير الحكيم. ولكنهم اعجز واقصر من ان يملكوا ذلك ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. لانه صنع الخالق وليس من سواه (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ).
انه الايقاع الاول في هذا المقطع القوي من السورة يساق في صورة استفهام استنكاري لمفهوم الناس بالايمان. وحسبانهم انه كلمة تقال باللسان. ان الايمان ليس كلمة تقال. انما هو حقيقة ذات تكاليف. وأمانة ذات اعباء. وجهاد يحتاج الى صبر. وجهد يحتاج الى احتمال.
فلا يكفي ان يقول الناس آمنا. وهم لا يختبرون. ويمتحنون حتى يتميز الصادق من الكاذب والخبيث من الطيب والتقي من الشقي. (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ..)
والله يعلم حقيقة القلوب قبل الابتلاء والامتحان. ولكن يريد عزوجل ان يظهر ذلك لأولى الالباب حتى يتميز لهم الطيب فيتبعوه. ويتميز لهم الخبيث فيتجنبوا عنه ويحذروه. ولتكون الحجة أقوى وأظهر. ان الايمان بالله عزوجل. أمانة الله في هذه الارض لا يحملها الا من هم لها اهل وعلى حملها قدير. الذين قد تجردت قلوبهم عن حب الدنيا وأهلها. ومن ثم يحتاج الى طراز خاص يصبر على الابتلاء. ومن الفتنة والامتحان ان يتعرض المؤمن للاذى من الباطل وأهله. ثم لا يجد النصير الذي