البيان (طا. سين. ميم) (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) تبدأ السورة بهذه الاحرف للتنبيه الى انه من مثلها تتألف آيات الكتاب المبين. البعيدة الرتبة. المتباعدة المدى بالقياس لما يتألف عادة من هذه الاحرف. في لغة البشر الفانين. (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) فهذا الكتاب المبين ليس اذن من عمل البشر. وهم لا يستطيعونه. انما هو الوحي الذي يتلوه الله على عبده. ويبدو فيه اعجاز صنعته. كما يبدو فيه طابع الحق المميز لهذه الصنعة في الكبير والصغير. (نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ).
فالى القوم المؤمنين يوجه هذا الكتاب. يربّيهم به وينشئهم ويرسم لهم المنهاج. ويشقّ لهم الطريق وهذا القصص المتلو في السورة. مقصود به اولئك المؤمنين. وهم به ينتفعون.
والحلقات المعروضة من القصة هنا هي حلقة مولد موسى (ع) أحاط بهذا المولد من ظروف قاسية. وقد جاءت الحلقة الاولى في خمسة مشاهد. والحلقة الثانية في تسعة مشاهد. والحلقة الثالثة في أربعة مشاهد. وبين الحلقة والحلقة فجوة كبيرة. وبين كل مشهد ومشهد يسدل الستار ويرفع المنظر.
(إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً) هكذا يرسم المسرح الذي فيه تجري الحوادث. وتنكشف اليد التي تجربها. ولا يعرف على وجه التحديد من هو فرعون. الذي تجري حوادثه.
فالتحديد التاريخي ليس هدفا من أهداف القصة القرآنية. ويكفي أن نعلم ان هذا كان بعد زمان يوسف (ع) الذي استقدم أباه واخوته ـ وأبوه يعقوب بن ابراهيم (ع) (هو اسرائيل) وهؤلاء كانوا من ذريته. وقد تكاثروا في مصر وأصبحوا شعبا كبيرا.