وهؤلاء الذين فرقوا القرآن وجعلوه عضين (أخذوا بعضه وتركوا البعض الآخر) فاقتسموه : قسما مقبولا. وقسما مردودا (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ).
(فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣) فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٩٦) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ (٩٨) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩))
البيان : وحين يصل السياق الى هذا الحد ، يتجه بالخطاب الى الرسول ص وآله ان يمضي في طريقه ويجهر بما أمره الله أن يبلغه ويسمى هذا الجهر صدعا ـ أي شقا ـ دلالة على القوة والنفاذ ، لا يقعده عن الجهر والمضي شرك فسوف يعلم المشركون عاقبة أمرهم ولا استهزاء مستهزىء. فقد كفاه الله شر المستهزئين. فلم يعد لاستهزائهم من أثر في سير الدعوة (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ. إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ)
والرسول ص وآله ـ بشر لا يملك نفسه ان يضيق صدره. وهو يسمع الشرك بالله. ويسمع الاستهزاء بدعوة الله. فيغار على الدعوة. ويغار على الحق ، ويضيق بالضلال والشرك. لهذا يؤمن أن يسبح بحمد ربه ويعبده ويلوذ بالتسبيح والحمد والعبادة من سوء ما يسمع من القوم. ولا يفتر عن التسبيح بحمد ربه طوال الحياة : (حتى يأتيه اليقين) والرحيل من هذه الدنيا الفانية الى دار الخلود والنعيم الذي لا يزول : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ. وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)