فكل ما في الوجود يمجد خالقه في اتقان صنعته وفي تدبير نظامه وفي الحكمة التي وجد لأجلها ولا يفقه تسبيح كل من يحمد خالقه الا الموصول قلبه بضياء خالقه المتسبب عن طاعته له. والتسليم لأرادته وتدبيره. واما ان كانت هذه المعارف العلمية غير مصحوبة ببشاشة الايمان بالله ونوره .. فانها تقود الاشقياء الى مزيد من الشقوة حين تقودهم الى مزيد من البعد عن الله والحرمان من بشاشة الايمان ونوره. وحلاوة لذته.
والمنهج القرآني في اتباعه لهذه الخطة انما يعتمد على حقيقة اساسية في التكوين البشري. فالله عزوجل هو الذي خلق وهو اعلم بما خلق وبمن خلق. والفطرة البشرية بها حاجة ذاتية الى التدين والى الاعتقاد بآله. بل هي حين تصح وتستقيم تجد في اعماقها اتجاها الى آله واحد واحساسا فويا بوجود هذا الآله الواحد. ووظيفة العقيدة الصحيحة ليست هي الا انشاء هذا الشعور. بالحاجة الى آله والتوجه اليه. فهذا امر مركوز في الفطرة. ولكن وظيفتها هي تصحيح تصور الانسان لآلهه. وتعريفه بالآله الحق الذي لا آله غيره. يعطي ويمنع. يعز ويذل. يشفي ويبدلي وهو الخبير العليم.
ثم تعريفه بمقتضيات الالوهية في حياته ـ وهي الربوبية والقوامة والحاكمية المطلقة والشك في حقيقة الوجود الآلهي أو انكاره هو بذاته دليل قاطع على اختلال بين في الكينونة البشرية. وعلى تعطيل أجهزة الاستقبال وتعطلها. والاستجابة الفطرية فيها.
وهذا التعطل لا يعالج ـ اذن ـ بالجدل وليس هذا هو طريق العلاج. (ان هذا الكون كون مؤمن مسلم. يعلم بارئه ويخضع له. ويسبح بحمده كل شيء فيه وكل حي الا ـ بعض الاناس ـ و(الانسان) يعيش في هذا الكون الذي تتجاوب جنباته باصداء الايمان والاسلام.