البيان : قل : يا ايها الناس جميعا ، وان كان الذين يتلقون الخطاب اذ ذاك هم مشركي قريش ان كنتم في شك من ان ديني الذي أدعوكم اليه هو الحق. فان هذا لا يحولني عن يقيني ، ولا يجعلني أعبد آلهتكم التي تعبدونها من دون الله التي لا تضر ولا تنفع :
(ولكن أعبد الذي يتوفاكم) : أعبد الله الذي يملك آجالكم وأعماركم. وابراز هذه الصفة لله هنا له قيمته وله دلالته. فهو تذكير لهم بقهر الله فوقهم وانتهاء آجالهم اليه ، فهو أولى بالعبادة من تلك الالهة التي لا تحيي ولا تميت.
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ، وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ)
فالضر نتيجة لازمة لسنة الله الجارية حين يتعرض الانسان لاسبابه ، والخير كذلك .. فان يمسسك الله بضر عن طريق جريان سنته فلن يكشفه عنك انسان. انما يكشف باتباع سننه وترك الاسباب المؤدية الى الضر ان كانت معلومة ، أو الالتجاء الى الله ليهديك الى تركها ان كانت مجهولة ، وان اراد بك الخير فهو ثمرة لعملك الصالح. فلن يرد هذا الفضل عنك احد لانه محتوم. فالفضل يصيب من عباده من يتصلون بأسبابه وفق مشيئته ، والسوء يصيب من يتصل بأسبابه وفق مشيئته. والسوء يصيب من يتصل بأسبابه ، وفق القصاص الذي يستحقه فاعله. (فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ، وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها).