البيان : وما تزال اناس بعد أن جاءت عقيدة التوحيد وتقررت يجعلون نصيبا من رزق الله لهم موقوفا على ما يشبه آلهة الجاهلية ، ما يزال بعضهم يطلق عجلا يسميه (عجل السيد البدوي) يأكل من حيث يشاء لا يمنعه احد. ولا ينتفع به احد. حتى يذبح على اسم السيد البدوي. لا على اسم الله. وما يزال بعضهم ينذرون للاولياء ذبائح يخرجونها من ذمتهم لا لله. ولا باسم الله. ولكن باسم ذلك المولى او الولي. على ما كان أهل الجاهلية.
(تالله لتسألن عما كنتم تفترون) بالقسم والتوكيد الشديد. فهو افتراء يحطم العقيدة من أساسها. (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ ـ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) : ان الانحراف في العقيدة لا تقف آثاره عند حدود العقيدة ، بل يتمشّى في أوضاع الحياة الاجتماعية وتقاليدها.
فالعقيدة هي المحرك الاول للحياة. سواء ظهرت أو كمنت. وهؤلاء عرب الجاهلية كانوا يزعمون ان لله البنات ـ هن الملائكة ـ على حين انهم كانوا يكرهون لانفسهم ولادة البنات. فالبنات لله. اما هم فيجعلون لانفسهم ما يشتهون من الذكور. حتى أسدت لهم عقيدتهم المنحرفة من وأد البنات.
ويرسم السياق القرآني صورة منكرة لعادات الجاهلية : (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا) مسودا من الهم والحزن والضيق. وهو كظيم. يكظم غيظه وغمه كأنها بلية نزلت عليه من السماء. مع أن الانثى والذكر هبة الله. وما يملك هذا الكاره لوجود الانثى ان لا يضع الانثى في رحم أهله. وحكمة الله ، وقاعدة الحياة ، اقتضت أن تنشىء الحياة من زوجين ذكر وانثى. فالانثى أصيلة في نظام الحياة كاصالة الذكر بدون ادنى تفاوت ، بل ربما كانت أشد اصالة