حقيقة واحدة من نوع هذه الحقيقة يكفي وحده لاثبات الوحي من الله بهذا القرآن. فالبشرية كلها كانت تجهل يومذاك هذه الحقيقة. ولم تكن لتلتفت اليها اصلا أو تفكر في حقيقتها.
والقرآن المجيد ـ يعبر عن هذه الحقائق العلمية البحتة ـ يحمل ادلة الوحي من الله في خصائصه لمن يدرك شيئا من هذه الخصائص ويقدر شأنها وعجيب صنعها. واقل ورود حقيقة واحدة من هذا النحو كافية لافحام المجادلين والمتعنتين. اذا قصدوا العدل والانصاف. وكل صنع الله عجيب والا كيف هذا الماء الذي ينزل من السماء فيخرج النبات والاشجار ويخرج منها الثمار. ويحول هذا الماء في الثمرات الى الوان واطعمة لا تعد ولا تحصى منها الحلو والحامض والمر .. ومنها الابيض والاسود. والاخضر والاحمر والأصفر وغير ذلك مما لا يحصيه العادون ولو قضوا الآف السنين والقرون.
(ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ. الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) ٣٢ / ٧ ي.
(وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ) : اللمسة اولى في الحياة والوفاة. هي متصلة بكل فرد وبكل نفس والحياة محبوبة. والتفكر في امرها قد يرد القلب الصلد الى شيء من اللين. والى شيء من الحساسية. فيوضح لها ان بيد الله عزوجل حياة الانسان وسعادته. والخوف على النفس قد يستجيش وجدان التقوى والحذر والالتجاء الى واهب الحياة وصورة الشيخوخة حين يرد الى أرذل العمر فينسى ما كان قد تعلم ويرتد الى مثل الطفولة من العجز والنسيان والسذاجة.
هذه الصورة قد ترد النفس الى شيء من التأمل في أطوار الحياة وقد تغض من كبرياء المرء واغتراره.
(وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا