اما قول النصارى (الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) وانه ثالث ثلاثة فهو ـ كما قلنا ـ شائع مشهور وعليه جميع مذاهبهم منذ أن حرف بولس رسالة المسيح القائمة على التوحيد كبقية الرسالات السماوية ، ثم أتمت تحريفها المجامع المقدسة ، وقضت على أصل فكرة التوحيد قضاء نهائيا.
ومن هذا العرض المجمل يتبين ان جميع الطوائف اليهودية والمسيحية لا تدين دين الحق الذي قوامه التوحيد لله سبحانه. وعلى انه واحد أحد فرد صمد (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ).
والتعقيب القرآني على قول اليهود (عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) وقول النصارى (الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) يثبت أولا ان هذا يماثلون به قول الذين كفروا من قبل ، وانه صادر من أفواههم :
(قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) نعم قاتلهم الله كيف يصرفون عن الحق الواضح البسيط الى هذه الوثنية المعقدة الغامضة التي لا تستقيم لدى عقل أو ضمير حي.
(اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) ، فهذا تقرير أن اليهود والنصارى لم يعودوا على دين بشهادة واقعهم : وانهم أمروا بان يعبدوا الله وحده) فاتخذوا أحبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله ، وذلك لانهم هم شرعوا لهم ما يريدون ونسبوه الى الله كذبا وزورا ، وهذا معنى العبادة بمعناها العام.
ان الشرك بالله يتحقق بمجرد اعطاء حق التشريع لغير الله من عباده ولو لم يصحبه شرك في الاعتقاد بالالوهية ، كما هو واضح من الفقرة السابقة ولكنا انما نزيدها هنا بيانا :
ان دين الحق الذي لا يقبل الله من الناس كلهم دينا غيره هو (الاسلام) والاسلام لا يقوم الا باتباع الله وحده في الشريعة ـ بعد