(قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١) فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (٤٢) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٤٣) وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (٤٤) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٤٥))
البيان : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا :) لقد قابلوا الحق الواضح البين الذي يتلوه عليهم رسول الله ص وآله برواسب غامضة من آثار الماضي. وتقاليد لا تقوم على أساس واضح وليس لها قوام متماسك. ولقد أحسوا خطورة ما يواجههم به القرآن المجيد. من الحق البسيط أحسوا خطورته على ذلك الخليط المشوش من العقائد والتقاليد التي وجدوا عليها آبائهم.
(ما هذا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ) ولكن هذا وحده لا يكفي. فان مجرد انه يخالف ما كان عليه الاباء. ليس مقنعا للعقول والنفوس. ومن ثم اتبعوا الادعاء الاول بادعاء آخر يمس أمانة المبلغ. ويرد قوله : (وَقالُوا ما هذا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً) الافك هو الكذب والافتراء. ولكنهم يزيدونه توكيدا. ليشككوا في قيمته ابتداء متى أوقعوا الشك في مصدره الالهي.
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) فهو كلام مؤثر يزلزل القلوب. فلا يكفي ان يقولوا انه مفتري. فحاولوا سبب وقعه في القلوب بانه سحر مبين.
وقد كشف القرآن المجيد أمرهم وهو يقرر انهم أميون لم يؤتوا من قبل كتابا يقيسون به الكتب ويعرفون به الوحي فهم يدعون ما ليس يعلمون (وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها ...)