ويلمس قلوبهم بتذكيرهم بمصارع الذين كذبوا من قبل. وهم لم يؤتوا معشار ما أوتي اولئك الغابرون. من علم ومن مال ومن قوة ومن تعمير. ولما كذبوا الرسل اخذهم النكير.
(وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ. وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ ..) ولقد كان النكير عليهم مدمرا مهلكا وكانت قريش تعرف مصارع بعضهم في الجزيرة. فهذا التذكير يكفي لالقاء الحجة عليهم لو كانوا يعقلون (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) سؤال موح يلمس قلوب المخاطبين. وهم يعرفون كيف كان ذلك النكير.
(قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٤٦) قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٤٧) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (٤٨) قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ (٤٩) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (٥٠))
البيان : انها دعوة حق لا تقبل التشكيك لو لا التعصب والعناد. لو كانت بعيدة عن الاهواء والدوافع التي تشتجر القلب. فتبعده عن خالقه العظيم. انما دعوة الى التعامل مع الواقع البسيط. لا مع الدعاوي الرائجة. ولا مع العبارات المطاطة. التي تبعد القلب والعقل من مواجهة الحقيقة في بساطتها. وهي في الوقت ذاته منهج في البحث عن الحقيقة. منهج بسيط يعتمد على التجرد من الرواسب والمؤثرات. وعلى مراقبة الخالق العظيم وتقواه لا غير.
وهي (واحدة) ان تحققت صح المنهج واستقام الطريق. القيام لله. لا لغرض ولا لهوى ولا لمصلحة. التجرد الخلوص. ثم التفكر والتدبر بلا مؤثر خارج عن الواقع الذي يواجهه المتجردون.