(أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى) ليراجع احدهما الاخر. ويأخذ معه ويعطي. من غير تأثر بعقلية الجماهير والرعاع. (ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) فما عرفتم عنه الا العقل والتدبر والرزانة : ان هو الا القول المحكم القوي المبين. (ان هو الا نذير لكم بين يديه عذاب شديد).
انها لمسة تصور العذاب الشديد وشيكا. وقد سبقه النذير بخطوة. لينفذ من يستمع كالهاتف. المحذر من حريق في دار يوشك أن يلتهم من لا يفر من الحريق. وهو تصوير فوق انه صادق مثير فهو خطير.
(قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) خذوا انتم الذي طلبته منكم وهو اسلوب فيه تهكم وفيه توجيه. وفيه تنبيه. (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) هو الذي كلفني وله أعمل ومنه الثواب والجزاء فكل ما عندكم تافه هزيل زهيد لا يستحق التفكير (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ).
وهذا الذي جئتكم به هو الحق. الحق القوي الذي لا يغلبه غالب. فمن ذا الذي يقف للحق ولا يدمره. انه السلاح الذي يقذف به الخالق العظيم القوي القدير (اذا قال للشيء كن فيكون).
انه تعبير مصور مجسم متحرك. وكأنما الحق قذيفة (ذرية) تصدع وتحرق وتدمر كل ما تصيبه. يقذف بها خالق الوجود (علام الغيوب) فهو يقذف بها عن علم وتحكيم لا يخيب ولا يخفى عليه هدف ولا يقف للحق الذي يقذف به معترض ولا سدود ولا متاريس. فالطريق امامه مكشوف تماما.