اذن فلا ضيق مع رحمة الله تعالى. انما الضيق في امساكها دون سواه. فلا ضيق مع رحمة الله ولو كان صاحبها في غياهب السجون. أو في جحيم العذاب. أو في شعاب الهلاك. ولا وسعة مع امساكها. ولو تقلب الانسان في أعطاف النعيم. وفي مراتع الرخاء. فمن داخله في نفسه رحمة الله تنفجر بها ينابيع السعادة ـ بمعناها العام ـ والرضى والطمأنينة. ومن داخل نفسه مع امساكها تدب بها القلق والتعب والنصب والنكد والمعاناة بمعناها العام.
هذا الباب وحده يفتح أمام من عرف الله فأطاعه وأحرز رضاه. وتغلق لديه جميع الابواب. وتوصد لديه جميع النوافذ. وتسدّ جميع المسالك. فلا عليك. فهو الفرج والفسحة واليسر والرخاء. وهذا الباب وحده اذ يغلق ويفتح جميع الابواب. فهو الضيق والكرب والشدة ...
فالمال والولد والصحة والقوة والجاه والسلطان تصبح مصادر قلق وتعب ونكد وجهد اذا امسكت عنك رحمة الله تعالى واذا فتح الله ابواب رحمته كان لك فيها السكن والراحة والسعادة والاطمئنان. يبسط الله الرزق ـ مع رحمته ـ فاذا هو متاع طيب ورخاء واذا هو رغد في الدنيا. وزاد في الاخرة. ويمسك رحمته. فاذا هو مثار قلق وخوف واذا هو مثار حسد وبغض وقد يكون معه الحرمان ببخل أو مرض. وفي الاخرة عذاب النار.
ويمنح الله تعالى الذرية ـ مع رحمته ورضاه ـ فاذا هي زينة في الحياة ومصدر فرح واستمتاع. ومضاعفة للاجر في الاخرة. بالخلف الصالح. الذي يذكر الله. ويمسك رحمته فاذا الذرية بلاء ونكد وعنت وشقاء وسهر بالليل وتعب بالنهار وفي الاخرة زيادة خطايا وآثام.