(إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) والتعبير على هذا القسم يوحي بان ارسال الرسل أمر مقرر له في سوابق مقرراته. فليس هو الذي يراد اثباته انما المراد أن يثبت هو ان محمدا ص وآله من هؤلاء المرسلين. ويخاطبه هو بهذا القسم ـ ولا يوجهه الى المنكرين المكذبين ـ ترفعا بالقسم وبالرسول وبالرسالة. عن أن تكون موضع جدل او مناقشة. انما هو الاخبار المباشر من الله العظيم لرسوله الكريم.
(إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وهذا بيان لطيف لطبيعة الرسالة. بعد بيان حقيقة الرسول. وطبيعة هذه الرسالة الاستقامة ـ في السير والدوام ـ فهي مستقيمة لا اعوجاج فيها ولا انحراف. ولا ميل فيها ولا التواء. ولا غموض فيها ولا التباس بل هي الحق المبين. ولا تميل ـ الرسالة ولا يميل الرسول ـ مع هوى ولا ينحرف مع مصلحة. بل يجده من يطلبه في يسر وفي دقة وفي خلوص.
وهي مستقيمة ثابتة. لا تزول ولا تنقطع ولا تنسخ ولا تبدل ولا يأتي بعد رسالة سماوية ابدا. الى أن يفنى الزمان. وهي مستقيمة سهلة لا تعقيد فيها ولا ابهام. وانما تصدع بالحق في أبسط صورة. يمكن ان يعيش بها ومعها البادي الساذج البسيط. والحاضر المتسامي في الفهم والذكاء والعلم والمعرفة. وساكن الكوخ وساكن ناطحات السحاب ويجد كل فيها حاجته. ويدرك ما يستقيم به حياته ونظامه وروابطه في يسر ولين.
ورسالة الاسلام مستقيمة مع فطرة الكون وناموس الوجود. وطبيعة الاشياء. والاحياء حول الانسان. فلا تصدم طبائع الاشياء. ولا تكلف الانسان الا باقل طاقته. وهي مستقيمة على طريق الحق الى الله ـ الذي هو مصدر الحق. لا يخشى تابعها ان يضل عن خالقه ـ