ما زال متمسكا بها. ولا يلتوي عن الطريق اليه. فهو يسلك طريقا مستقيما ينتهي به الى شاطىء الامن والامان. والجنة والرضوان في مقعد صدق عند مليك عظيم عادل.
والقرآن هو دليل هذا الصراط المستقيم. وحيثما سار الانسان معه وجد هذه الاستقامة في تصوره للحق. وفي التوجيه اليه. وفي احكامه الفاصلة في القيم. ووضع كل قيمة في موضعها (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) يعرف الخالق العظيم. عباده بنفسه في مثل هذه المواضع ليدركوا حقيقة ما نزل اليهم ـ فهو العزيز ـ الذي يعز كل من لجأ اليه وقوى يحرس كل من تمسك به. وهو الرحيم بعباده الذي لا يغلق بابه امام المحتاجين اليه. ويقبل التوبة من العاصين مهما كانت خطاياهم معه. فهو يقبل التوبة ويعفو عن السيئات ويحب التوابين المنيبين (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ) والغفلة اشدّ ما يفسد القلوب. فالقلب الغافل قلب معطّل عن وظيفته. معطل عن التأثر والاستجابة. تمرّ به دلائل الهدى أو يمرّ بها دون ان يحسّ بها أو يدركها. ومن ثم كان الانذار هو اليق شيء بالغفلة التي كان فيها القوم. الذين مضت من الاجيال ـ وقد جعلهم الله تعالى عبر للمعتبرين ـ فالانذار قد يوقظ الغافلين. المستغرقين في الغفلة. الذين لم يأتهم رسول ولم يأت اباءهم نذير.
ثم يكشف عن مصير هؤلاء الغافلين. وعما نزل بهم من قدر الله وفق ما علم الله من قلوبهم ومن امرهم. ما كان وما سيكون (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ). لقد قضى في امرهم وحق قدره على اكثرهم. بما علمه من حقيقتهم. وطبيعة مشاعرهم فهم لا يؤمنون. وهذا المصير الاخير للاكثرين. فان نفوسهم محجوبة عن الهدى مشدودة عن رؤية دلائله او استشعارها (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً) أن أيديهم