اقصى المدينة يذكرهم ويدعوهم الى اتباع الرسل الحديث : (جاء من اقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين ..)
انها استجابة الفطرة السليمة لدعوة الحق المستقيمة فيها الصدق والبساطة والحرارة واستقامة الادراك. وتلبية الايقاع القوي للحق المبين.
فهذا الرجل سمع الدعوة فاستجاب لها بعد ما رأى فيها من دلائل الحق والمنطق ما يتحدث عنه في مقالته لقومه. وحينما استشعر قلبه حقيقة الايمان تحركت هذه الحقيقة في ضميره فلم يطق عليها سكوتا. ولم يقبع في داره. وهو يرى الضلال من حوله. والفجور والجحود ولكنه سعى بالحق الذي استقر في قلبه وتحرك في ضميره. سعى الى قومه وهم يكذبون رسل الله (قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) وهداهم واضح في طبيعة دعوتهم. فهم يدعون الى آله واحد ويدعون الى نهج واضح ويدعون الى عقيدة لا خرافة فيها ولا غموض. فهم مهتدون الى نهج سليم. ثم عاد يتحدث اليهم عن نفسه هو وعن اسباب ايمانه ويناشد فيهم الفطرة السليمة.
(وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٢) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ (٢٣) إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٤) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (٢٥) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (٢٧) وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ (٢٨) إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ (٢٩) يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٠))
البيان : (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي ..) انه تساؤل الفطرة الشاعرة بخالقها المشدودة الى مصدر وجوده الوحيد. وما الذي يحيد بي عن هذا المنهج الطبيعي الذي يخطر على النفس أول ما يخطر. أن