السياق فيربط سنة الرزق بخلق السموات وسائر آثار القدرة (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
والقرآن المجيد يجعل الكون ومشاهده العظيمة هي برهانه وحجته. وهي مجال النظر والفكر والتدبر للحق الذي جاء به. ويقف القلب امام هذا الكون وقفة المتدبر اليقظ لعجائبه. الشاعر بيد الصانع وقدرته. المدبر لنواميسه الهائلة. بلفتة هائلة يسيرة. لا تحتاج الى مشاق. وانما تحتاج الى حس يقظ القلب البصير. وكلما تلا آية من آيات الكون وقف امامها يسبح بحمد خالقها ومنظمها. ويربط القلوب بخالقها. (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ).
(وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ. وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ).
فهذه الحياة في عمومها ليست الا لهوا ولعبا حين لا ينظر فيها الى الاخرة. حين تكون هي الغاية العليا للناس. حين يصبح المتاع فيها هو الغاية من الحياة. فأما الحياة الاخرة فهي الحياة الفائضة بالحيوية. هي (الحيوان) لشدة ما فيها من الحيوية والامتلاء.
والقرآن المجيد لا يعني بهذا انه يحض على الزهد في متاع الحياة الدنيا. والفرار منه والقائه بعيدا .. انما يعني مراعاة الاخرة في هذا المتاع. والوقوف فيه عند حدود الخالق العظيم.
والمسألة مسألة قيم يزنها المخلوق بميزان الخالق حتى لا يقع في افراط أو تفريط. فهذه قيمة الدنيا وهذه قيمة الاخرة بنظر الاسلام الحق المبين. يستشعرها المؤمن ثم يسير في متاع الدنيا على ضوئها. مالكا لحرية عقله. معتدلا في نظرته.