(فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ. فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ).
وهذا أيضا من التناقض والاضطراب. فهم اذا ركبوا في الفلك وأصبحوا على وجه الماء كاللعبة تتقاذفها الامواج. هنالك يذكرون الله الذي لا يقدر على نجاتهم الا هو من الهلاك. فيتوجهون اليه بالدعاء والتضرع واعطائه العهد بالايمان به والاخلاص له بالطاعة.(فَلَمَّا نَجَّاهُمْ ...) نسوا وحي فطرتهم وما أعطوه من العهد. وكأنه لا يقدر على هلاكهم في البر كالبحر. (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ. وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) وهذا تهديد قارص وتقبيح لافعالهم السخيفة. (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً ...) ولقد كان اهل مكة يعيشون في أمن. ويعظمهم الناس من أجل بيت الله الحرام. ومن حولهم القبائل تتناحر ويدمر بعضهم بعضا. وهم في أمان واطمئنان. (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً ...) وهم قد افتروا على الكذب بنسبة الشركاء له وهم كذبوا بالحق لما جاءهم ، وجحدوا به (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) بلى وعن يقين سيرون ما يوعدون. (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا. وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) والله ولي المتقين.