(وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٣٠) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ (٣١) فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ (٣٢) رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ (٣٣) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ (٣٤) قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥) فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ (٣٦) وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٣٨) هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٩) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٤٠))
البيان : الاشارتان الواردتان هنا عن الصافنات الجياد ـ وهي الخيل الكريمة ـ وعن الجسد الذي القى على كرسي سليمان (ع) كلتاهما اشارتان. غير واضح معناهما بشكل يقين. (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) أقرب تأويل لهذا الطلب انه لم يرد به أثره انما اراد الاختصاص الذي يتجلى في صورة معجزة. فقد اراد به النوع وقد استجاب الله دعاءه فاعطاه فوق الملك المعهود ملكا خاصا لا يتكرر.
(فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ) وتسخير الريح لعبد من عباد الله تعالى لا يخرج في طبيعته عن تسخير الريح لارادة الله. وهي مسخرة لارادته تعالى دائما بدون شك تجري وتسكن بأمره وفق ناموسه. فاذا يسر الله لعبد من عباده في فترة من الفترات ان يعبر عن ارادة الله تعالى وان يوافق امره امر الله فيها. وان تجري الريح رخاء حيث اراد فذلك امر ليس على الله بعسير ومثله يقع في صور شتى والله سبحانه يقول في القرآن للرسول ص وآله (لئن لم ينته المنافقون والذين في فلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك الا قليلا) ومعنى هذا انهم اذا لم ينتهوا فستتجه ارادتنا الى تسليطك عليهم واخراجهم من المدينة. (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ) وذلك زيادة في الاكرام والمنة (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى ..)