الانفعال الاول. وعدم التثبت مما ينتهي مع الاستطراد فيه الى الضلال اما عقب الآية فهو حكم عام مطلق على نتائج الضلال عن سبيل الله.(وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً) هكذا في هذه الآيات الثلاث تقرر تلك الحقيقة الضخمة الشاملة الدقيقة. بكل جوانبها وفروعها وحلقاتها.
ان خلق السماء والارض وما بينهما لم يكن باطلا. ولم يقم على الباطل. انما كان حقا وقام على الحق. ومن هذا الحق الكبير تتفرع سائر الحقوق. الحق في خلافة الارض. والحق في الحكم بين الخلق والحق في تقويم مشاعر الناس واعمالهم فلا يكون الذين آمنوا وعملوا الصالحات ـ كالمفسدين في الارض. ولا يكون وزن المتقين كوزن الفجار والحق الذي جاء به القرآن المجيد الذي أنزله الله ليتدبر آياته وليتذكر اصحاب العقول ما ينبغي ان يتذكروه من هذه الحقائق الاصيلة. التي لا يتصورها الكافرون. لان فطرتهم لا تتصل بالحق الاصيل في بناء هذا الكون. ومن ثم يسوء ظنهم بربهم ولا يدركون من اصالة الحق شيئا (ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ..).
ان شريعة الله للناس طرف ناموسه في خلق الكون. وان كتابه المنزل بيان للحق الذي يقوم عليه الناموس. وان العدل الذي يطالب به الخلفاء في الارض والحكام بين الناس انما هو طرف من الحق الكلي فلا يستقيم أمر الناس الا حين يتناسق مع بقية الاطراف وان الانحراف عن شريعة الله والحق في الخلافة والعدل في الحكم انما هو انحراف عن الناموس الكوني الذي قامت عليه السماء والارض. وهو امر عظيم اذن وشر كبير واصطدام مع القوى الكونية الهائلة. فلا بد ان يتحطم في النهاية ويزهق. فما يمكن ان يصمد ظالم باغ منحرف عن سنة الله وناموس الكون. وطبيعة الوجود (وهذا ما ينبغي ان يتدبره المتدبرون.