من هذا الذي لا طائل وراء الخوض فيه. انما نمضي الى مغزى القصة. ودلالتها كما يقصها القرآن المجيد :
لقد خلق الله هذا الكائن البشري من الطين. كما ان سائر الاحياء في الارض خلقت من طين. فمن الطين كل عناصرها. فيما عدا سر الحياة الذي لا يدري أحد من أين جاء ولا كيف جاء. ومن الطين كل عناصر ذلك الكائن البشري فيما عدا ذلك السر الخفي الذي هو نفخة علوية. جعلت منه انسانا اما ان ينتهي أمره الى أعلى من الملائكة المقربين اذا سمع واطاع خالقه العظيم واما ان ينتهي الى اسفل من قلّ مخلوق حيواني اذا استكبر وعصي خالقه العظيم.
ونحن نجهل كنه هذه النفخة الا كما قال تعالى (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) ١٧ س ٨٨ ي ولكننا نعرف آثارها. فآثارها هي التي ميزت من وجدت فيه ممن فقدت منه لا غير. ولها قرائن ونظائر كثيرة من هذا القبيل : (منها العقل والعلم والكهرباء في عصرنا والذرة وغيرها كثير) من الاشياء التي لا تحسّ ولا يدرك وجودها من فقدانها الا بآثارها ومنها الخالق العظيم الذي يستحيل ادراكه الا بأثاره ومخلوقاته. التي هي أقوى دليلا عليه من ادراك الاشياء بذاتها. ونحن نجهل كنه هذه النفخة وخاصيتها القابلة للرقي العقلي والروحي. وهي التي جعلت عقله ينظر تجارب الماضي ويصمم خطط المستقبل. وجعلت روحه تتجاوز المدرك بالحواس والمدرك بالعقول. ليتصل بالمجهول للحواس والعقول.
وخاصية الارتقاء العقلي والروحي خاصية انسانية بحتة. لا يشاركه فيها سائر الاحياء. في هذه الارض. ولم يقع في هذا التاريخ الطويل ان ارتقى نوع غير الانسان.