هؤلاء الذين عند ربك. هم أرفع وأعلى. وهم أتقى وأمثل. فلا يستكبرون كما يستكبر أولئك المنحرفون الضالون في الارض. الذين اتبعوا أهوائهم وأضلهم الشيطان فأعمى أبصارهم.
(وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً ...) فخشوع الارض هنا هو سكونها قبل نزول الماء عليها. وكأنها حين نزول الماء عليها تتحرك لتخرج ما فيها ـ كما تتحرك الحامل لتخرج ما في بطنها ـ وهنا يتبين وجه التناسق في هامدة ـ وخاشعة ـ ان الجو في الاول جو بعث واحياء واخراج. فمما يتسق معه تصوير الارض (بالهامدة) ثم تهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج. وان الجو في الثاني ، هو عبادة وخشوع وسجود ويتسق معه تصوير الارض (بالخشوع) فاذا نزل عليها الماء اهتزت وربت.
انهما تخيلان حركة للارض بعد خشوعها. وهذه الحركة هي المقصودة هنا. لان كل ما في المشهد يتحرك حركة طاعة وعبادة واذعان لخالقه. فلم يكن من المناسب ان تبقى الارض وحدها خاشعة ساكنة. فوجب أن تهتز للمشاركة قلوب العابدين المتقين. لكي لا يبقى جزء من أجزاء المشهد ساكنا. فكل الاجزاء تتحرك من حوله.
(إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى. إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ويتكرر في القرآن عرض مثل هذا المشهد نموذجا للاحياء في الاخرة. ودليلا على قدرة الخالق العظيم الغير محددة بحدود.
ومشهد أحياء الارض في كل سنة بدون تخلف قريب من كل قلب مفتوح. لانه يلمس القلوب قبل أن يلمس العقول. والحياة المحسوسة توحي بالقدرة المطلقة لخالق الوجود. وهذا ايحاء خفي ينبض في أعماق الشعور. والقرآن يخاطب الفطرة بلغتها واحساسها.