واحد في جوهره على اختلاف الرسل واختلاف زمانهم ومراتبهم (إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ).
انها قصة بعيدة البداية. ضاربة في أطوار الزمان وسلسلة كثيرة الحلقات متشابكة الحلقات. ومنهج ثابت الاصول على تعدد الفروع).
وهذه الحقيقة ـ على هذا النحو ـ حين تستقر في ضمائر المؤمنين تشعرهم باصالة ما هم عليه وثباته. ووحدة مصدره وطريقه. وتشدهم الى مصدر هذا الوحي.
(اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) كما تشعر بالقرابة بينهم وبين المؤمنين اتباع الوحي في كل زمان ومكان. فهذه اسرتهم تضرب في بطون التاريخ وتمتد جذورها في شعاب الزمن. وتتصل كلها بخالقها العظيم في النهاية. فيلتقون فيه جميعا. وهو (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) القوي القادر. والذي يوحي لمن يشاء وفق حكمة بالغة. وتدبير فائق. فانهم ينصرفون عن هذا المنهج الالهي الواحد الثابت الى السبل المتفرقة التي لا تؤدي الا الى الدمار والشقاء. ولا يعرف لها مصدر ولا تستقيم على اتجاه.
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) كثيرا ما يخدع البشر فيحسبون انهم يملكون شيئا لمجرد انهم يجدون أشياء في أيديهم قد وصلوا اليها وقد سخرها خالقها لهم لينتفعوا بها ويستخدمونها فيما يشاؤون. ولكن هذا ليس ملكا حقيقيا. انما المالك الحقيقي لها هو خالقها وخالقهم هو الذي قد سخرها لهم ليؤدوا شكر خالقهم على ذلك. فالمالك الحقيقي يوجد ويعدم ويحيي ويميت. والذي يملك ويحكم طبائع الاشياء. ويصرّفها وفق الناموس المختار. وكل ما في السموات وما في الارض تحت قبضته ولا يتحرك الا بارادته. ذلك هو الله العزيز الجبار. الذي لا يشاركه في ملكه وتصرفه سواه (الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).