ويفقدها الاشراق الآلهي. (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) من العذاب والبلاء.
والعبرة التي ينبغي ان يستفيدها كل ذي سمع وبصر وقلب. الا يغتر ذو قوة بقوته. ولا ذو مال بماله. ولا ذو علم بعلمه. فهذه من قوة الحياة الفانية الزائلة. (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى) وقد اهلك الله القرى التي كذب اهلها رسل الله ولقد نوع الله تعالى اسباب التدمير والهلاك. ولكنهم مضوا على ضلالهم فأخذهم العذاب الاليم.
(وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ) ومقالة النفر من الجن مع خشوعهم عند سماع القرآن تتضمن اسس الاعتقاد الكامل بتصديق الوحي ووحدة العقيدة بين التوراة والقرآن. والاعتراف بالحق الذي يهدي اليه. والايمان بالآخرة. وما ينتهي الى المغفرة. وما ينتهي الى العذاب من الاعمال. والاقرار بقوة الله التي لا تغلب. وولايته وحده للعباد.
والربط بين خلق الكون واحياء الموتى. وهي الاسس التي تتضمن السورة كلها. ان هذا الكون من حولنا حافل بالاسرار. حافل بالقوى والخلائق المجهولة لنا كنهها. صفة وأثرا لا تحصى. ونحن نعيش في أحضان هذه القوى والاسرار. ولا نعرف منها الا القليل. ونحن لا نزال في اول الطريق. طريق المعرفة لهذا الكون الذي نعيش فيه منذ بداية زمن بعيد. وما عرفنا منه الا نزرا قليلا (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ).
لقد كان اذن تدبير من الله ان يصرف هؤلاء الجن الى استماع القرآن لا مصادفة. وكان في تقدير الله عزوجل. ان تعرف الجن نبأ الرسالة الاخيرة كما عرفت من قبل رسالة موسى (ع) وان يؤمن فريق منهم وينجوا من النار المعدة لشياطين الجن كما هي معدة لشياطين الانس ويرسم النص مشهد هذا النفر ـ وهم يستمعون الى هذا القرآن ـ