ويصور لنا ما وقع في حسّهم منه من الروعة والتأثر والرهبة والخشوع.
(فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) وهذه كتلك تصور الاثر الذي انطبع على قلوبهم من الانصات للقرآن فقد استمعوا صامتين منتبهين حتى النهاية. فلما انتهى لم يلبثوا أن سارعوا الى قومهم لابلاغ الاخرين من قومهم في جد واهتمام.
(قالوا (يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ) فقد اعتبروا نزول هذا الكتاب الى الارض دعوة من الله لكل من بلغته من انس وجن. وآمنوا بالآخرة. وعرفوا ان الايمان والاستجابة لله يكون معهما غفران الذنب والاجارة من العذاب فبشروا وانذروا بهذا الذين لم يعرفوه.
(يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٣١) وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٢) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٤) فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ (٣٥))
البيان : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) انها لفتة الى كتاب الكون المنظور الذي ورد ذكره في أول السورة. وكثيرا ما يتضمن السياق القرآني مثل هذا التناسق بين قول مباشر في السورة. وقول مثله يجيىء في قصة. فيتم التطابق بين مصدرين على الحقيقة الواحدة.
وكتاب الكون يشهد بالقدرة المبدعة. ابتداء الخلق الهائل السموات والارض. ويوحي للحس البشري بيسر الاحياء بعد الموت.