وهذا الاحياء هو المقصود. وصياغة القضية في اسلوب الاستفهام والجواب اقوى وأكد في تقرير هذه القدرة الشاملة. لكل شيء كان او يكون (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ) يبدأ المشهد حكاية أو مقدمة لحكاية. وبينما السامع في انتظار وصف ما سيكون. اذ المشهد يشخص بذاته. واذا الحوار قائم في المشهد المعروض. (أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ).
فيا له من سؤال. بل يا لها من قارعة للذين كفروا وكذبوا واستهزئوا واستعجلوا العذاب واليوم ملتوي اعناقهم على الحق الذي كانوا ينكرونه. والجواب في خزي ومذلة. (بلى وربنا) هكذا هم يقسمون (وربنا) ربهم الذي كانوا يستجيبون لداعيه. ولا يستمعون لنبيه. ولا يعترفون له بربوبيته. ثم هم اليوم يقسمون به على الحق الذي انكروه. (قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ) كلمة ورد غطاها. كما يقال الجريمة ظاهرة والجاني معترف فالى الجحيم وسرعة المشهد هنا مقصودة. فالمواجهة حاسمة. فالآن يعترفون والان يذوقون.
(فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) كل كلمة في الاية ذات رصيد ضخم. وكل عبارة وراءها عالم من الصور والظلال والمعاني والايحاءات والقضايا والقيم.
توجيه يقال لمحمد ص وآله. وهو الذي احتمل ما احتمل وعانى ما عانى من قومه وهو الذي نشأ يتيما وجرد من الولي والحامي. ومن كل اسباب الارض واحدا بعد واحد. الاب لم يجتمع معه في الوجود لانه مات قبل ولادته. وامه لم يع عليها لانها ماتت وهو ابن ست سنين والجد الذي كفله بعد ابيه مات وهو صغير ايضا. والعم الحامي قد مات ايضا والاعداء محيطة به من كل جانب. والزوج ماتت ايضا في النهاية. وأصبح عاريا من كل مساعد او كفيل سوى ربيبه وابن عمه