(يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ. لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ).
ويعقب هذه اللمسة العميقة الاثر. حقيقة نعمة الفناء لكل من عليها. وبقاء الواحد القهار. نعمة يواجه بها الجن والانس في معرض الآلاء : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) وانها النعمة. بل هي اساس النعم كلها جميعا. فمن حقيقة الوجود الباقي ينبثق كل هذا الخلق وناموسه ونظامه وخصائصه. والحي الباقي هو الذي يخلق ويبدع. وهو الذي يحفظ ويكلأ. وهو الذي يحاسب ويجزي وهو الذي يشرف من افق البقاء. على ساحة الفناء فمن حقيقة البقاء. تنبثق جميع الآلاء. (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ. لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ).
(سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (٣١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٢) يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ (٣٣) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٤) يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ (٣٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٦) فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ (٣٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٨) فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (٣٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٠) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ (٤١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٢) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٥) وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٧))
البيان : يا للهول المرعب المزلزل. الذي لا يثبت له انس ولا جان ولا تقف له الجبال الرواسي. ولا النجوم والافلاك. الله العظيم القوي القدير. يهدد هؤلاء الضعاف الضعاف. ويقول لهم : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ) ونحاسبكم على تجبركم وطغيانكم على خالقكم المنعم المحسن اليكم.
انه امر هائل. انه فوق ما تتصوره العقول والاوهام. فالله تعالى ليس مشغولا عنهم اليوم حتى يتفرغ اليهم غدا. ولا هو بعيد. وانما