الا الله تعالى وكلها تسير بحكمة الهية منسقة في آثارها. وكلها تسير في هذا الفضاء فما اوسع هذا الفضاء (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) فالامر اوضح واجلى من ان يحتاج الى قسم لانها ثابتة واضحة.
(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) وليس كما يدعون قول كاهن. ولا قول مجنون ولا مفتري.
(فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) مصون (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) طهارة القلب قبل طهارة الظواهر (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) أفأنتم شاكّون في هذا القرآن الذي يخبركم عن الحياة بعد الموت وانها دار الخلود والدوام وما يقرره لكم من عقيدة التوحيد لله وحده لا شريك له. (فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) انه تصوير بديع. كأنك تسمع صوت الحشرجة. وتحس بنهاية الانفاس من هذا المحتضر. كما تريك حالة العجز وذهول اليأس (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ).
هنا في هذه اللحظة وكأنما الروح قد خرجت من هذا البدن الوقتي وقد خلفت وراءها الارض ومن عليها. وهي الآن تستقبل عالم البرزخ بما أعدّ لها من جنة او نار من سعادة او شقاء. من نعيم او جحيم. من سلام او تهديد.
(وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ) وهنا يجلل الموقف جلال الله سبحانه وهو حاضر في كل وقت. ولكن التعبير يوقظ الشعور البشري ـ ليأخذ حذره واستعداده ـ لمثل هذا الموقف الخطير. والانتقال المرعب الهائل فليحذر المؤمنون وهو على مفرق طريقين اما جنّة ونعيم. واما نار وجحيم. واذا مجلس الموت تجلله رهبة الحضور فوق ما فيه من عجز.
(فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) فلو كان الامر كما تقولون : انه لا حساب ولا جزاء. فأنتم اذن طلقاء. قد عدتم الى التراب كالبهائم والحيوانات. هيهات هيهات (قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً)