الميزة المزدوجة. من بين خلقه ونيطة به امانة ـ لو عرضت على الجبال لأبت حملها من شدة مسؤوليتها) ـ وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا. وهي امانة الايمان بحكم هذا الاستعداد. وهي امانة ضخمة هائلة. ولكن الله كرّم هذا المخلوق فاودعه القوة على تمييزه الخير من الشر. والربح من الخسران والهدى من الضلال. والسعادة من الشقاء ونعيم الآخر الخالد. على جيف الدنيا النتنة. وترك له الخيار بين هذه الاشياء.
(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فهو رقيب على هذا الانسان ومحصي عليه كل حركة وسكون ولا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها. فالويل لمن أنحرف وتساهل فانه يهوي بالنار ويخسر نعيم الجنان وصحبة الابرار. ويصبح ضجيع حجر وقرين شيطان وذلك هو الخسران المبين.
(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) وهذا النصّ يقرر في شعور المؤمن ان الحق أصيل في كيان هذا الكون. ليس وجوده عبثا وصدفة. بل بناء حكيم خبير.
(وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) صورة تشعر الانسان بالكرامة على الله تعالى. وقد تفضّل عليه بتحسين صورته. فالانسان هو اكمل الاحياء في الارض. كما انه ارقاها في شعوره واستعداده الروحي المجهز بأسرار عجيبة ومن ثم اوكلت اليه خلافة الارض.
(وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) ومصير كل شيء الى خالقه العظيم وهو المحاسب والحاكم والرقيب.
(يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) واستقرار هذه الحقيقة في القلب المؤمن يفيده المعرفة بخالقه ومولاه (وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) فباطن الانسان مكشوف لخالقه كظاهره المكشوف لمخلوقاته. بل علم الله تعالى بالظاهر والباطن اكثر لعجز الناس لذلك. وهذه الآيات الثلاث كافية وحدها