لتوجد في الانسان الحي شعورا مدركا لرقابة الله في كل حركاته وسكناته خشية من الزلق والانحراف عن مخططه الآلهي المستقيم.
(أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ) الخطاب هنا للمشركين الذين لم يزالوا معاندين لهذا الدين الحنيف. ومكذبين لهذا الرسول الصادق الامين. (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ثم يكشف عن السبب الذي استحقوا به العقاب الشديد.
(ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللهُ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦) زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٧) فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٠))
البيان : منذ البدء يسمى مقالة الذين كفروا عن عدم البعث زعما وتحريضا فيقضي بكذبهم من اول لفظة. ثم يوجه لرسول الله ص وآله ان يؤكد لهم حقيقة البعث مع الايمان (قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ) فليس شيء منه متروك. والله أعلم بهم وبما يعملون (ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) فهو يعلم ما في السموات والارض ويعلم سرهم وجهرهم (وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) وهو يدعوهم الى الايمان بالله ورسوله والنور الذي معه.
(يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) فيا له من تحسر على مافات ولم يعد يمكن رجوعه. فكل مخلوق يتحسّر على مافات ويتمنّى الرجوع ليعمل وينال المنازل العالية التي نالها اهل العمل الصالح. حين غفل عن ذلك اهل الشهوات.
(وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ ..)