ونعلم ما لا يعلمه اصحاب الجنة من امرها. ورأينا كأنما هي مقطوعة الثمار بعد ذلك الطائف الخفي الرهيب (وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ).
(فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ) ما هذه جنتنا الموقورة بالثمار. فقد ضللنا اليها الطريق. (بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) وهذا هو الخبر اليقين. والان وقد حاقت بهم عاقبة المكر. ويتقدم اوسطهم واعقلهم ـ ويبدو انه رافقهم وهو فريد في رأيه ـ (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ) (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ) عسى ان يغفر الله لهم ويعوضهم من الجنة (قالوا يا ويلنا ان كنا طاغين). (كَذلِكَ الْعَذابُ. وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ) كذلك الابتلاء بالنعمة (إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ) فليعلم ذلك المشركون اهل مكة المعاندون للحق لما جاءهم. ثم ليحذروا ما هو اكبر من ابتلاء الدنيا (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ).
(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٣٤) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦) أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (٣٧) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ (٣٨))
(أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ (٣٩) سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ (٤٠) أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٤١) يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢) خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ (٤٣) فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (٤٤) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥))
البيان : وهنا يأتي التقابل في العاقبة. كما انه التقابل في المسلك والحقيقة. تقابل النقيضين اللذين اختلفت بهما الطريق. فاختلفت بهما خاتمة الطريق.
(أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ. ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) والتهديد بعذاب الآخرة وحرب الدنيا يجيىء ـ كما ترى ـ في خلال ذلك الجدال