والسياق يطيل عرض تفاصيل احوال هذا القسم من البشر عند العرض الاكبر والمصاب الاخطر. وغاية هذا العرض تحريك النفوس الغافلة واللاهية عن هذا اليوم الذي يشيب الاطفال. ويشغل كل فرد بنفسه دون سواه. وتذهل المراضع عن اطفالها. وتنقطع الصلات عن ارحامها
(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ) فقد انكشف عنه الغطاء وزالت عنه السكرة والغفلة وعرف انه مؤخذ بجرائمه. وانه الى النيران مصيره. وهنا يقف وقفة الحائر المذهول.
(فيقول (يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ) كما يتمنى ان لو كانت حياته عدما ولم يولد. ولم يحيى بعد الموت (ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ) فيا لها من حسرة ان يكون ما كان يفرح بجمعه قد تبرء منه عند الشدة. (هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ) فيا ليت الذي كنت احسد عليه ناله غيري وسلمت من جرائمه فلا المال اغنى. ولا السلطان ينفع او دفع. وقد اخذته الرنّة الحزينة. والحسرة المديدة. (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) يا للهول الهائل. ويا للرعب المذهل (خذوه) انها كلمة تصدر من العلي الاعلى. فيهتز لها الكون فزعا ورعبا. وتأتي الملائكة الغلاظ الشداد المكلفون بتنفيذ اوامر الخالق القهار. فابتدر سبعون الفا من زبانية جهنم الى هذا الصغير الهزيل. كلهم يحتوش هذه الحشرة الصغيرة. الضعيفة المذهولة (فغلوه) العنق مع الأيدي (ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) ونكاد نسمع كيف تشويه النار وتلتهبه من جميع جهاته انها جهنم التي : (تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ. قالُوا بَلى فَكَذَّبْنا) (ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ) ذراع واحد من سلاسل النار يكفيه. بل يكفي لأن يشعل الدنيا ومن فيها بكاملها في لحظة واحدة. ولكن لا بد ان يكون الجزاء بقدر الاجرام (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ) وهي تكملة الاعلان العلوي عن مصير الاشقياء .. (وَلا