طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) وهو غسلة اهل جهنم من قيح وصديد. وهذا ما يناسب هؤلاء. وينتهي هذا المشهد العنيف المثير. الذي جاء في هذه الصورة الهائلة. كي تؤثر في قلوب الغافلين. فتهزها وتستجيشها. لعلها تفيق من سكرتها. وتنتبه من غفلتها. قبل الرحيل من هذه الدار. وقبل الوقوع في هذا المصاب الذي ليس له حد ولا نهاية.
والقرآن المجيد يخاطب كل نفس بحسب مستواها. وبما يؤثر فيها كهذه الكلمات.
(فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) وَما لا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٣) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (٤٦) فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (٤٧) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (٤٩) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ (٥٠) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (٥١) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٥٢))
البيان : أن الأمر لا يحتاج الى قسم. وهو واضح في غاية الوضوح. وثابت في غاية الثبوت. فالوجود لا تحده حدود يدركها المخلوق. وما فيه لا يعلمه الا الخلاق العليم اللطيف الخبير. أنه الحق وصادر عن الحق. وليس شعر شاعر. ولا أفتراء مفتري. وما هو بحاجة الى يمين. ومثل هذه الاشارة تفتح القلب وتنبّه الوعي الى أن هناك وراء مدّ البصر آفاق لا يدركها مخلوق. فالكون أوسع والحقيقة أكبر من ذلك الجهاز الانساني. المقدر المحدود في جميع مداركه. أن الذين يحصرون أنفسهم في حدود ما يبصرون بواسطة او بغير واسطة. هم مساكين سجناء وان دل هذا على شيء فأنه يدل على جهل صاحبه وضيق تفكيره وقلة معرفته بحقائق الامور. (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) لقد كان مما تقول به المشركون على القرآن وعلى رسول الله ص وآله : أنه شاعر