بعد التحقيق والتمحيص. ولا تثيرهم النوائب والهزاهز. (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً) .. (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ). المهل هو المعدن الذائب والعهن. هو الصوف المنفوش. ومن الاحداث ان تذوب السماء كما يذوب المعدن. وكذلك الجبال (وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) ان الناس في همّ وغم قد اشغلهم عن كل شيء وعن كل قريب وبعيد مشهد الحشر.
(يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤) كَلاَّ إِنَّها لَظى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوى (١٦) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) وَجَمَعَ فَأَوْعى (١٨) إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (٢١) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (٢٣) وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (٢٥) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (٢٦) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٢٧) إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (٢٨) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٢٩) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٣٠) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٣١) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٣٢) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ (٣٣) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٣٤) أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (٣٥))
البيان : فلقد طلع الهول المروع. وحبس الانفاس على همها لا تتعداه (يبصّرونهم) ولكن لكل منهم همه وكربه. ولكل ضمير شغله. فالكرب يلف الجميع فما بال (المجرم).
ان الهول ليأخذ بحسه. وان الرعب ليذهب بنفسه. وانه ليود لو يفتدى من عذاب يومئذ. بأعز الناس عليه. ممن كان يفتديهم بنفسه في الحياة الدنيا. ويناضل عنهم ويشقى لأجلهم. من زوجة وبنين. وعشيرة وأقارب واصحاب كل ذلك زال عنه.
(كَلَّا إِنَّها لَظى) انه مشهد تطير له النفوس شعاعا. بعدما أذهلها كرب الموقف انها نار تتلظى. وتحرق الداخل والخارج. نزعاة للجلود والوجوه والرؤوس نزعا.
(تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى) تدعوه كما كان يدعى من قبل الى الهدى