فالعبادة مختصة به ولا تجوز لسواه ابدا. فهذه كلمة الانس والجن. يتعارفان عليها فمن شذّ عنها فهو من المشركين وهو قد شذ عن العالمين.
(قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً) يؤمر الرسول ص وآله ان يتجرد وان ينفض يديه من كل ادعاء لشيء هو من خصائص الخالق العظيم الواحد المتفرد في مشيئته وشؤون خلقه.
وبهذا يتجرد الجن ايضا ـ وهو موضع الشبهة ـ عن كل ضر او نفع. ويتفرد الله عزوجل بهذا الامر. ويستقيم التصور الايماني على هذا التجرد الكامل الصريح الواضح.
(قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ) وهذه هي القولة الرهيبة. التي تملأ القلب بجدّية هذا الامر. امر الرسالة والدعوة. والرسول ص وآله يؤمر باعلان هذه الحقيقة الكبيرة.
(وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) اي ملجأ او حماية. الا ان ابلغ ما أمرت به. ولؤدي هذه الامانة. فهذا هو الملجأ الوحيد. وهذه هي الاجارة المأمونة. ان الامر ليس امري. وليس لي فيه شيء الا التبليغ. ولا مفر لي من اداء هذا الواجب علي. ولن يجيرني احد اذا انا قصرت.
(قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً (٢١) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٢) إِلاَّ بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ
وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً (٢٣) حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً (٢٤) قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (٢٥) عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (٢٦) إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (٢٧) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (٢٨))
البيان : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) فهو التهديد الصريح لمن يبلغه هذا الامر ثم ينحرف عنه ـ بعقيدة او عمل ـ (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً).