(قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) قد اوجب الله قيام الليل بصلاته المعروفة على رسوله دون سواه (سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) هذا القرآن هو الحمل الثقيل. في تطبيقه وتبليغه والقرآن في مبناء ليس بثقيل. بل هو من أيسر اليسر. ولكنه ثقيل في ميزان الحق والعدل وثقيل لأنه يملىء القلب ايمانا ويقينا ـ كالجبال التي جعلها الله اوتادا للارض ـ.
ومن جهة ثانية ثقيل على القلوب المسوّدة من جرائم الاعمال. والعقاد الزائقة. ان الاتصال بالملأ الاعلى وبروح الوجود يحتاج الى جهد وتطهير. ونقاء عقلي وروحي. وان تلقى الفيض من النور الآلهي لثقيل يحتاج الى استعداد طويل. وجهد جهيد. وان الاستقامة على الصراط المستقيم بلا تردد ولا ارتياب ولا تلفت يحتاج الى صبر جميل. وان قيام الليل والناس نيام. والانقطاع عن غبش الحياة. وفهم خدعها وغرورها يحتاج الى علم واختبار. وعزيمة واستمرار لا يقوم بحمله الا اولوا الالباب.
(إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً) لان الذكر فيها حلاوة. والصلاة فيها بخشوع طلاوة. وانها لتسكب في القلب انسا وراحة ونورا يستحيل وجوده من جهة اخرى. والله الذي خلق هذا القلب يعلم مداخله واوتاره ومساربه.
(وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) ذكر اسم الله. ليس هو مجرد ترديد باللسان على عدد السبحة المئوية. انما هو ذكر القلب الحاضر مع اللسان الذاكر والتبتل هو الانقطاع الكلي عما عدا الله عزوجل. والاتجاه الكلي اليه بالعبادة والذكر والحضور مع الله.
(وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً) والهجر الجميل هو الهجر الذي يبقي الباب معه مفتوحا لمن هجره لم يقنطه من الاتصال به لو سنح له ذلك الهجر الجميل الذي معه أمل.